responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 454
وَقِيلَ: إِنَّهُمْ دَخَلُوا الْكَهْفَ قَبْلَ الْمَسِيحِ وَأَخْبَرَ الْمَسِيحُ بِخَبَرِهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي بَيْنَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ إِنَّهُمْ دَخَلُوا الْكَهْفَ بَعْدَ الْمَسِيحِ، وَحَكَى الْقَفَّالُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُمْ لَمْ يَمُوتُوا وَلَا يَمُوتُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَأَمَّا مَكَانُ هَذَا الْكَهْفِ، فَحَكَى الْقَفَّالُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْخَوَارِزْمِيِّ الْمُنَجِّمِ أَنَّ الْوَاثِقَ أَنْفَذَهُ لِيَعْرِفَ حَالَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ إِلَى الرُّومِ، قَالَ: فَوَجَّهَ مِلْكُ الرُّومِ مَعِي أَقْوَامًا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ إِنَّهُمْ فِيهِ، قَالَ: وَإِنَّ الرَّجُلَ الْمُوَكَّلَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَزَّعَنِي مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ، قَالَ:
فَدَخَلْتُ وَرَأَيْتُ الشُّعُورَ عَلَى صُدُورِهِمْ قَالَ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ تَمْوِيهٌ وَاحْتِيَالٌ وَأَنَّ النَّاسَ كَانُوا قَدْ عَالَجُوا تِلْكَ الْجُثَثَ بِالْأَدْوِيَةِ الْمُجَفِّفَةِ لِأَبْدَانِ الْمَوْتَى لِتَصُونَهَا عَنِ الْبِلَى مِثْلَ التَّلْطِيخِ بِالصَّبْرِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ الْقَفَّالُ: وَالَّذِي عِنْدَنَا لَا يُعْرَفُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ هُوَ مَوْضِعُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ أَوْ مَوْضِعٌ آخَرُ، وَالَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَبَ الْقَطْعُ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ أَهْلِ الرُّومِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ هُوَ مَوْضِعُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَذُكِرَ فِي الْكَشَّافِ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ غَزَا الرُّومَ فَمَرَّ بِالْكَهْفِ فَقَالَ: لَوْ كُشِفَ لَنَا عَنْ هَؤُلَاءِ فَنَظَرْنَا إِلَيْهِمْ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ قَدْ مَنَعَ اللَّهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، فَقَالَ: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا، فَقَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَعْلَمَ حَالَهَمْ، فَبَعَثَ أُنَاسًا فَقَالَ لَهُمْ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا فَلَمَّا دَخَلُوا الْكَهْفَ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا فَأَحْرَقَتْهُمْ، وَأَقُولُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ الزَّمَانِ وَبِذَلِكَ الْمَكَانِ لَيْسَ لِلْعَقْلِ فِيهِ مَجَالٌ، وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ نَصٍّ، وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: اعْلَمْ أَنَّ مَدَارَ الْقَوْلِ بِإِثْبَاتِ الْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ عَلَى أُصُولٍ ثَلَاثَةٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ مِنَ الْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُمْكِنَ الْحُصُولِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ كَانَ مُمْكِنَ الْحُصُولِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ ثَبَتَ القول بإمكان البعث والقيامة، فكذلك ها هنا ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ قَادِرٌ عَلَى الْكُلِّ، وَثَبَتَ أَنَّ بَقَاءَ الْإِنْسَانِ حَيًّا فِي النَّوْمِ مُدَّةَ يَوْمٍ مُمْكِنٌ فَكَذَلِكَ بَقَاؤُهُ مُدَّةَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا بِمَعْنَى أَنَّ إِلَهَ الْعَالَمِ يَحْفَظُهُ وَيَصُونُهُ عَنِ الْآفَةِ. وَأَمَّا الْفَلَاسِفَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ أَيْضًا: لَا يَبْعُدُ وُقُوعُ أَشْكَالٍ فَلَكِيَّةٍ غَرِيبَةٍ تُوجِبُ فِي هَيُولِي عَالَمِ الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ حُصُولَ أَحْوَالٍ غَرِيبَةٍ نَادِرَةٍ، وَأَقُولُ: هَذِهِ السُّوَرُ الثَّلَاثَةُ الْمُتَعَاقِبَةُ اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى حُصُولِ حَالَةٍ عَجِيبَةٍ نَادِرَةٍ فِي هَذَا الْعَالَمِ فَسُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ اشْتَمَلَتْ عَلَى الْإِسْرَاءِ بِجَسَدِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ وَهُوَ حَالَةٌ عَجِيبَةٌ، وَهَذِهِ السُّورَةُ اشْتَمَلَتْ عَلَى بَقَاءِ الْقَوْمِ فِي النَّوْمِ مُدَّةَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَأَزْيَدَ وَهُوَ أَيْضًا حَالَةٌ عَجِيبَةٌ، وَسُورَةُ مَرْيَمَ اشْتَمَلَتْ عَلَى حُدُوثِ الْوَلَدِ لَا مِنَ الْأَبِ وَهُوَ أَيْضًا حَالَةٌ عَجِيبَةٌ. / وَالْمُعْتَمَدُ فِي بَيَانِ إِمْكَانِ كُلِّ هَذِهِ الْعَجَائِبِ وَالْغَرَائِبِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَوَالِيَةِ هُوَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْمُمْكِنَاتِ أَنَّ أبا علي بن سِينَا ذَكَرَ فِي بَابِ الزَّمَانِ مِنْ كِتَابِ الشِّفَاءِ أَنَّ أَرِسْطَاطَالِيسَ الْحَكِيمَ ذَكَرَ أَنَّهُ عَرَضَ لِقَوْمٍ مِنَ الْمُتَأَلِّهِينَ حَالَةٌ شَبِيهَةٌ بِحَالَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَيَدُلُّ التَّارِيخُ على أنهم كانوا قبل أصحاب الكهف.

[سورة الكهف (18) : آية 27]
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27)
اعْلَمْ أَنَّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى قِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ كَلَامٌ وَاحِدٌ فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكَابِرَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ احْتَجُّوا وَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ نُؤْمِنَ بِكَ فَاطْرُدْ مِنْ عِنْدِكَ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ وَاللَّهُ تعالى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست